الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

المرأة في جنوب السودان تحت المجهر ‪]‬الجزء الرابع‪[‬

MiCT | النيلان
جوبا - قبول تحديات جديدة: المرأة وتقديم الخدمات.
25.04.2024
قابلة مجتمعية تتلقى دراجة هوائية لتسهيل عملها في مقاطعة ياي، ديسمبر 2005.
قابلة مجتمعية تتلقى دراجة هوائية لتسهيل عملها في مقاطعة ياي، ديسمبر 2005.

حشود من النسوة الشجاعات في العمل

تحمل نساء جنوب السودان على عاتقهن معظم مسؤولية القيام بأود أسرهن. ونتيجة لذلك، تأثرت النساء على وجه الخصوص بتراجع تقديم الخدمات أثناء الحرب الأهلية الثانية. ولعبت المرأة دوراً هاماً في استمرارية بعض هذه الخدمات في تلك الفترة إذ كانت هي من يتولى المسؤولية عند توقفها – الأمر الذي كان يحدث أحياناً نتيجة ذهاب الرجال الذين يقدمونها إلى الحرب.

عند انتهاء الحرب الأهلية رسمياً بعد اتفاق السلام الشامل لعام 2005، وعدت القيادة الجديدة في جنوب السودان باستعادة الخدمات الصحية والتعليمية والمدنية. وانطلقت موجة من النشاط والاستثمار والتنمية في السنوات التي تلت ذلك، إلا أن نقص العاملين والبنية التحتية والتمويل حد بدرجة كبيرة من هذه الجهود.

واليوم، لا يزال تصنيف جنوب السودان في أسفل مؤشر التنمية البشرية (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 2010). فغالبية سكانه لا يستطيعون القراءة والكتابة، وأوضاع القطاع الصحي أضعف من أن تتصدى للتحديات الكبرى التي يواجهها ومنها ارتفاع معدلات الوفيات بين الرضع والأطفال والأمهات ووجود مجموعة من الأمراض والفيروسات والظروف الصعبة. ولا تزال مديريات ووزارات الصحة في مرحلة التأسيس، ولا تتوفر أية خدمات صحية في مناطق واسعة من البلاد.

في هذه البيئة، يعمل حشد من النساء الشجاعات على جعل التعليم والرعاية الصحية في متناول أكبر عدد ممكن من الناس.

النساء اللواتي يسهرن على صحة الأمّة

تمضي النساء العاملات في القطاع الصحي ساعات عمل طويلة وشاقة، ويتلقين رواتب متدنية للغاية مقابل جهودهن. وعلاوة على ضغوط العمل التي يتعرضن لها، غالباً ما تقع عليهن مسؤولية القيام بأود عائلاتهن. فها هي غريس أديي، الممرضة في مدينة نيمولي، تبدأ عملها اليومي بالمشي مسافة ثلاثة كيلومترات لتصل إلى العيادة الصحية المحلية حيث تعمل. وهي إلى جانب إعالة نفسها وأطفالها الصغار ترسل جزءاً من راتبها إلى أمها وجزءاً لتسديد رسوم مدارس أشقائها.

تقول غريس أديي: \"أحياناً، عندما تكون هناك حالة طوارئ ونضطر لمتابعة العمل في المستشفى يدفعون لي مكافأة إضافية، وعندئذ أستطيع تناول وجبتَيْ طعام؛ وإلا فأنا لا أتناول إلا وجبة واحدة في اليوم كي يكفيني راتبي إلى نهاية الشهر.\"

يسبب التأخير المتكرر في دفع الرواتب مصاعب هائلة لنساء مثل غريس يضطررن لصرف أموالهن بحذر.

في سنوات ما بعد الحرب، استمرت هجرة الأدمغة بإعاقة تقديم الخدمات الصحية، وهي تحدث في كافة مستويات القطاع الصحي. ومع نقص عدد موظفي المرافق الصحية الذي يزيد من تفاقمه نقص المعدات واللوازم، تبقى الأمراض والجروح والعلل والآلام دون علاج في حين تنتظر المستشفيات تزويدها بالأدوية والتجهيزات.

اقرأ أيضا:

المرأة في جنوب السودان تحت المجهر [الجزء الأول]

المرأة في جنوب السودان تحت المجهر [الجزء الثاني]
المرأة في جنوب السودان تحت المجهر [الجزء الثالث]

تشرح ريدا جوكودو، وهي رئيسة ممرضات في مستشفى مونداري، قائلة: \"يوصي الطبيب أحياناً بإجراء عملية نقل دم لمريض؛ وبما أننا لا نملك بنكاً للدم في المستشفى، فإننا ننصح المرضى بإيجاد متبرع كي نتمكن من إجراء الاختبارات اللازمة. وأحياناً، لا نعثر على المتبرع المطلوب إلا بعد فوات الأوان على إنقاذ المريض.\"

ينتشر الإحباط وتدني المعنويات في ظروف العمل الرهيبة هذه، وتكون الخدمات المقدمة ذات جودة متدنية في الغالب. وعلى الرغم من ذلك، فإن كثيراً من عاملات القطاع الصحي في جنوب السودان ملتزمات بعملهن إلى أقصى الحدود. وقد عبرت كثيرات ممن قابلتهن عن الأمل بتحسن ظروفهن قريباً وبأن يكون هناك مزيد من العيادات والأدوية والعاملين والمعدات كي يتمكنَّ من الإحساس بمزيد من السعادة والنجاح في رعاية صحة من أنهكتهم الحرب.

ورغم أنه من غير المرجح توفر خدمات صحية عالية الجودة للجميع في كافة أنحاء البلد قريباً، فإن الدلائل تشير إلى أن قطاع الرعاية الصحية يسير في الاتجاه الصحيح.

التعليم

ومثلما هو الحال في مجال الصحة، تعاني خدمات التعليم من أوضاع مقلقة. فقد حرمت عقود من الحرب الأهلية أجيالاً بأكملها من أهالي جنوب السودان من الحصول حتى على الحد الأدنى من التعليم الأساسي. هناك نقص حاد في المدرسين، والغالبية العظمى منهم يفتقرون إلى التأهيل والتدريب.

وإلى جانب نقص المدرسين، تفتقر المدارس في كافة أرجاء البلد إلى البنية التحتية والمعدات والموارد التعليمية، فكثير من المدارس ليس لها أبنية وتقام الفصول الدراسية في ظلال الأشجار.

تقول أسونتا غابا، من ولاية شرق الاستوائية: \"حتى لو حضر الأطفال إلى المدرسة عندما تبدأ الأمطار بالهطول، فإنني لا أستطيع التدريس لأن المكان الوحيد للصف هو تحت الشجرة. أحاول قدر استطاعتي إكمال تدريس المنهاج في موسم الجفاف، لكنني لا أستطيع تدريسه كاملاً لأنني لا أستطيع تحميل الأطفال فوق طاقتهم.\"

يعمل المعلمون في جنوب السودان بكل طاقتهم، ضمن فصول دراسية مكتظة، باذلين كل جهودهم في أغلب الأحيان للموازنة بين مسؤولياتهم الشخصية والمهنية. التحديات رهيبة بالنسبة للمدرسات اللواتي هن أمهات أيضاً، وهذا هو حال الأغلبية.

علامات مبشّرة

ثمة نقص كبير في موظفي الخدمة العامة في جنوب السودان. لكن بالمقابل، تمثل نساء جنوب السودان مورداً عظيماً غير مستغَل بإمكانه لو أُحسن تدريبه وتأهيله أن يساهم في تقليص النقص الحاد في الموارد البشرية. وهناك بعض الدلائل المبشّرة في مجال الصحة والتعليم بالرغم من التحديات الخطيرة التي تواجه هذين القطاعين.

أنشئت أول كلية للتمريض والقبالة من نوعها في العاصمة جوبا والتحقت الدفعة الأولى من طلابها بدبلوم معتمد ومكثف مدته ثلاث سنوات. وكان ثلثا هذه الدفعة من الإناث. كما تقوم مديرية الشؤون الجنسانية والتغيير الاجتماعي في وزارة التعليم بتقديم منح تعليمية لأكثر من 8,000 طالبة لتمكينهن من إتمام دراستهن الثانوية والالتحاق بمهنة التدريس. وبعد الثانوية تلتحق الطالبات مباشرة بمعاهد إعداد المدرسين.

تفخر جميع النساء اللواتي أجريت معهن مقابلات بعملهن ويحملن مسؤولياتهن بجدية. وتستمر النساء، مع ذلك، وهن يواجهن التحديات اليومية بالمساهمة في إعادة بناء بلدهن وتحقيق التوازن بين هذا العمل ومسؤولياتهن الكثيرة الأخرى كزوجات وأمهات.

اقتباس معد من طرف كارا مينتجس من فصل جين نامادي \"قبول تحديات جديدة: المرأة وتقديم الخدمات\" من كتاب \"الأمل والألم والصبر: حياة النساء في جنوب السودان\"، إعداد فريديك بوبنزر وأورلي شتيرن. التقطت الصور بعدسة إيرين عبدو وجين وارن. من منشورات معهد العدالة والمصالحة. رقم ISBN: 978-1-920196-36-3. الناشر: جاكانا ميديا. متوفر على الرابط http://www.jacana.co.za